بقلم: فريد زمكحل
ورشة البحرين التي عقدت في المنامة منتصف الأسبوع الجاري تحت عنوان «السلام من أجل الرخاء»، برعاية جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومستشاره الخاص، أقرب ما تكون للوهم منها عن الحقيقة المنشودة لإيجاد الحل العادل المطلوب لهذه القضية العالقة منذ أكثر من نصف قرن .
ومن المؤسف بل من المخجل أن يصفها السيد كوشنر في كلمته الافتتاحية بـ «فرصة القرن» لتحقيق السلام والرخاء معاً لجميع أطراف النزاع ، في الوقت التي أعلنت فيه الفصائل الفلسطينية بأن يومي الثلاثاء والأربعاء سيشهدان الكثير من التصعيد ضد الاحتلال في مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، ضمن الفعاليات الرافضة لمؤتمر البحرين، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية والتي تعتبر عدم مشاركة الحكومة الفلسطينية في جدول أعماله بمثابة اسقاط للشرعية عنه .. وأنا مع ذلك في حال كان هذا الموقف بموافقة الأغلبية من حكومات الدول العربية الذي عُرف عنها تناقض أقوالها عن أفعالها وتضارب قراراتها المعلنة عن تلك التي تنفذها فعليا في السر.
خاصة إن قمنا بقياس مواقفها الرسمية بشئ من الجدية في التقييم منذ الإعلان الأمريكي عن صفقة القرن في شهر فبراير / شباط 2017 التي سبقها الاعتراف الأمريكي الظالم في السادس من ديسمبر/ كانون الأول 2017، بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل ما أثار غضب السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، كما أثار استياء العالم العربي وحلفاء الولايات المتحدة في الغرب على حد سواء، ناهيك عن ما قامت به إدارة ترامب من خفض متعمد للمساعدات المخصصة لتمويل وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التابعة لهيئة الأمم المتحدة من خلال حجب أو خصم ما يقرب من 65 مليون دولار عن الوكالة التي تقدم خدمات لنحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في كل من الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلتين، وذلك في شهر يناير / كانون الثاني 2018 ، لتقوم واشنطن بعد 7 أشهر فقط بقطع كل التمويل المقرر للوكالة ويبلغ 300 مليون دولار سنويا، كما قامت بتقليص العديد من المساعدات التي كانت تقدم للفلسطينيين عبر وكالات انسانية وتنموية أخرى بمئات الملايين من الدولارات … علاوة على اقتراحها التي تقدمت به بضرورة تفكيك منظمة أونروا بعد أن كانت من أكثر المانحين فيها على أن تتولى الدول العربية التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين القيام بتقديم هذه الخدمات بدلاً عن المنظمة.
هذا بخلا ف قيام السفارة الأمريكية في اسرائيل بفتح أبوابها في القدس في تحدي سافر وغير مسبوق للمجتمع الدولي وللقرارات الدولية ولحقوق الشعب الفلسطيني في 14 مايو/آيار 2018 بعد قرارها بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن لقيام الرئيس الفلسطيني بإتخاذ بعض الاجراءات الشرعية ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وكانت الفضيحة الكبرى في 25 مارس/ آذار 2019 حيث قام الرئيس الأمريكي بإعلان اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة «إسرائيل» على هضبة الجولان المحتلة منذ حرب 1967 وكأنه يتنازل عن أملاك أبيه، وصولاً إلى 19 مايو/آيار 2019 حيث قام البيت الأبيض بالاعلان عن نية الإدارة الأمريكية بإقامة ورشة عمل في البحرين يومي 25، 26 يونيو / حزيران تحت عنوان «السلام من أجل الإزدهار» أو ما يعرف بصفقة القرن اليوم والذي على كل من يشارك فيها أو يوافق عليها أن يعلم أنها ليست صفقة القرن بل «صفعة القرن» لنا جميعا … والله المستعان.