بقلم: كلودين كرمة
والأذى قد ألم بالبشرية جمعاء ، وقد كثرت المظالم ، وأن صغارا مع كبارا يصرخون ويستنجدون ولا مغيث ، وأن أثر الدمار والخراب والحروب والكوارث امام اعيننا أينما نلتفت .. مجاعات ومرض وفقر يصيب مجتمعات بأكملها .. شر وجرائم بشعة حتى ان وحوش الأرض قد تستنكر ما ينزله الٱدميون ببعضهم البعض إنهم قد أضافوا تعريفا للوحشية وأكثروا من مشاهد العدوان والاعتداء على الحريات والانقضاض على الشرف والشرفاء وبأ قدامهم الدامية يدهسون القلوب ويميتون الحياة وبأياديهم الٱثمة يسرقون الأرواح ويكتمون الأنفاس ويخنقون الكلمات حتى لا يعلو صوت فوق صوت متفجراتهم ولا يضوى إلا لمعان سيوفهم فينشروا الرعب حتى إنه قد نفقد الحياة قبل ان يمسنا الأذى أو تلامسنا اسلحتهم الغادرة .
فالأمر لا يحتاج إلى خبراء سياسيين بقدر ما يحتاج إلى ضمائر نقية وقلوب رحيمة وعقول واعية .. ضمائر تستطيع أن تغلب السر وتتصدى للمطامع وقلوب لحمية تشعر بالحب وتبغى العطاء وعقول تقدر هبة الحياة وتحترم الجنس البشرى فتهب لنجدته وتسرع إلى حمايته ومساندته .
أما رئيس هذا العالم وأعوانه انما يخططون للدمار و يدفعون بأنفسهم وبغيرهم إلى الموت من اجل ماذا ؟ من أجل تراب فانى وعز واهى وسلطة تقوم لتهدم من غيرها ، فعلى مر الزمان دولة تقوم على أنقاض دولة وحكومة تهوى لترتفع اخرى بطرق ملتوية وغش وخيانة ، فكم من سطور مخزية سجلها التاريخ لمن يدعونهم عظماء ، بل هم فى الحقيقة مرضى متعطشون للدماء حيوانات مفترسة تأكل ما لم تزرعه وتحصد ما لم تغرسه تطيح بكل من يقف فى سبيل تحقيق اطماعها ، تهدم القلاع والحصون تثير الرعب تلتهم الأبرار فهى تنتشر كالنار لا تشبع مهما التهمت ولهيبها لا يرحم يعلو و يتوغل ويحرق فيزداد إحمارا وعطشا للمزيد والمزيد حتى تزهق الارواح و ويوحد وشاح البلاد بالسواد فتفنى الألوان وتبقى رائحة الموت تجول فى المكان ملتمسة من تبتلعه وتهبط به إلى الهاوية ، فالنار لهم كالأم يأوون إليها ينفذون خطط و يقامرون على مستقبل الشعوب يمدون أياديهم بعيدا ليخطفوا ماءاً وذهبا وترابا ويعودون بابتسامة بلهاء يعلنون أنهم فازوا وسيطروا وكأنهم ضامنين ملكيتهم إلى منتهى الدهر.
ومع هذه الكوارث تجد مجموعة من الأفراد فرصتهم لإثارة الشغب والرعب والإطاحة بكل القوانين والمثل ، مشاغبين ، خارجين عن القانون لا يرجعهم دين ولا فكر ولا قيم فهم مغيبون ، مبرمجون على الشر فهم سواعد لإبليس لا يخلفون إلا الرزيلة و يزرعون الرعب فى القلوب فهم ألٱت مدمرة تستمتع بصراخ الأطفال ودموع العجائز وتستمد قوتها من سفك الدماء وتدمير المأوى وتفتخر بزعزعة الأساسات و إتلاف الأمم وتشويه الحضارات .
وما يزيد الامر سوءًا ، عندما يفقد المسئولون و كل من هم فى منصب الأمل فى إصلاح الأمور ، فمنهم من يتوارى خوفا ومنهم للأسف من ينجرف مع هذا التيار الفاسد فلا يجد المظلومين منصف لهم ، فتضيع الحقوق ويكثر الظلم وتعم الفوضى بينما ينشغل الرؤساء بتحقيق الانتصارات وإن بعد زمن – طال أو قصر – يعاودون لينظروا حال الشعوب فيجودهم مثل الأشباح مجرد خيالات وأصواتهم تعلوا بالصراخ طالبين الإنصاف وقد أعياهم الظلم والفقر والجوع والمرض وحطم قلوبهم الحزن وأفناهم اليأس فلا عزم لهم ولا قوة ولا سند ولا أمل.
فيا ذوى الألباب لعلكم تذكرون ضحايا أحلامكم وشهداء أطماعكم ، فكم من بيوت تدمرت واسر تشردت وأطفالا تيتموا ونساء ترملوا !!! لقد غاب عن ذهنكم إنه فى خلال فترة حكمكم والسعى لتحقيق أطماعكم والشروع لتخليد أسمائكم قد دهستم الكثير والكثير من أحلام ورغبات وطموحات ، وطرحتم على العباد القنوط والفشل واستدعيتم الموت وأسقيتم الأرض الخصبة دماء ، فأفسدتموها ولم تعد تطرح خيرا للبشر بل هى تذكارٌ دائم لعالم مظلم ، جهلاء يدعون أنفسهم أسيادا .. نعم فهم اسياد للظلام يطلقون القذائف الغاشمة وينثرون التراب و ينشرون غيمة سوداء تحجب رؤية النور عن العيون و يدهسون المقدسات إذ لا دين لهم ويفتقروا حتى إلى القيم والمبادئ. فهم مهانون لا عزة لهم ولا كرامة فهم دون مرتبة الإنسان.
وبعد مضى الزمان نجد أن التاريخ يسرد الأحداث ويظهر الطغيان ويصاحب أسمائهم الصفات الوخيمة وتوصف اعتداءاتهم بالمكروهات ويبقى المجد كل المجد لمن رفع الظلم و من دفع الخطر ومن صد العدوان و أعلى كلمة الحق ورد الحقوق ألى أصحابها وحافظ على كرامة وطنه وشعبه وعمل على التطوير واهتم بالتنمية وحافظ على التراث وهم لبناء الحضارة.
ويبقى التساؤل لماذا ينتشر الفساد و تعم الفوضى وتستباح الأرواح ؟ والإجابة معروفة منذ القديم لقد افصح داوود قائلا : (يتجول الأشرار أحرارا فى كل ناحية عندما يتبوأ أراذل الناس المقدمات الرفيعة ) مزمور ١٢ ٱية ٨.