بقلم: أ.د. ناهدة العاصي
أغمض عيوني وأتخيّل نفسي في عمر العشرين، أضع شروطي في أطار اسمه «مواصفات الزوج الذي أريد»
عندما أحبّ، أشترط أن يكون الحبيب بحجم حبّي ليستحقّه. لذا ما عليه سوى أن يبيّن حبّه بالأفعال، تماماً كما أفعل.
عندما أناقش حبيبي، قد أفرض عليه تناوب الأدوار. عليه أن يسمعني ومن ثمّ يجيب أو يردّ على مقولتي.لا بطولات بيننا.
عندما أغضب من حبيبي، عليه أن يستفسر عن السبب وأن يتعاطى بموضوعيّة مع غضبي، لا أن يفسّر الأمر كما يحلو له.
عندما يزيد هدوئي عن حدّه، يجب أن يلاحظ أن هناك شيئاً ما يستدعي الجلوس والكلام. فيساعد على تهيّئة الأجواء لذلك.
عندما أتعب، عليه أن يلاحظ ذلك وأن يفكّر كيف يمكن لنا أن نعدّل من النفسيّة، وليس بالضرورة بأغلى الوسائل والأثمان.
عندما نكون منشغلين، على أحدنا أن يقوم بأجراء مكالمة هاتفيّة للاطمئنان على الآخر. هو عربون محبّة فقط.
عندما أمرض، عليه أن يهتمّ بي تماماً كما أهتمّ به حين مرضه. يُشعرني بوجوده بجانبي.
عندما تحلّ مناسبة أراها هامّة، مثل عيد زواجنا أو أعياد ميلادنا، عليه أن يعطي المناسبة قيمتها كما أراها.
عندما أختلف مع أحدهم في الرأي وأخبره بذلك، عليه أن يتعاطى بموضوعيّة ودون انحياز لكي تستمرّ الثقة بيننا.
عندما نتبادل النصائح، على كلّ منّا أن يقبل أو يعترض لكي نتناقش وننهي الموضوع ونلتزم بالقرارات. الأسلوب هو الأساس.
عندما يمرّ أحدنا بظروف لا تخلو من الضغط، على الأكثر راحةً أن يتحمل الآخر ويخفّف عنه.
كنت حينها موظّفةً براتبٍ محترم، فأضفت شرطين: من غير المسموح أن أُكره على العمل لحاجةٍ مادّيّة، ولا أن أُكره على التوقّف عن العمل إن لم يكن هناك حاجة. أنا صاحبة القرار الفصل. ومن غير المسموح لأحدنا أن يقلّل من قيمة الآخر مهما كانت الظّروف.
خلاصة الأمر، كان على مَن أرتبط به أن يلتزم بهذه الشروط ويعتمدها كحجر الزاوية لحياتنا الزوجيّة.
ثمّ أغمض عيوني ثانيةً وأتخيّل نفسي بين إخوتي الذين كانوا من نصيبي دون شروط
فأجد أننا، نحن الذين ولدنا من نفس الأم والأب تحت سقف واحد، مختلفون، لكن كلّنا يحب ذلك الإختلاف وكلّنا غير قادر على وضع أيّ من هذه الشروط. نعم! لا ينطبق علينا كلّ ما قلته سابقاً، فلا أحجام ولا قياس ولا شروط للمحبّة بيننا. نحبّ بعضنا بعضاً، وانتهى الأمر. نغضب ونعاتب ثمّ نسامح بسرعة. نتقدّم بالمساعدة دون احتساب الفائدة والمردود. لا ننتظر خدمةً مقابل خدمة ولا نتوقّف عن السؤال عن بعضنا البعض. لا فرق بيننا!! ولا شكر على المحبّة!! يكفي أن تكون هذه الوثيقة محفورة في قلوبنا. نحن إذاً إلى الله أقرب لأن الله محبّة!!