بقلم: عادل عطية
حاول بطليموس، وشارلمان، وجنكيز خان، أن يؤرخوا الأعوام باسمهم، أو بيوم فتوحاتهم،
فلم يتمكنوا، ولا غيرهم، لأنهم أرادوا فرض أنفسهم على التاريخ.. اما انت يا يسوع، فمیلادك أضحى تأريخاً للتاريخ، وفاتحة للتقويم العميم!
تمخضت الأرض من قبلك عن رجال عظام، ذُیلت أسماءهم بلقب أثير، فكم سمعنا عن: أسكندر الكبير، وبطرس الأكبر، ونابليون الأعظم، وويليام الظافر.. لكن واحداً من هذه الألقاب، لا تليق بعظمتك، لانك انت هو المسيح، وكفى!
عاش جاريبالدى لإيطاليا، وكرومويل لإنجلترا، وواشنطون لأمريكا، وغاندي للهند.. أما أنت فعشت للجميع، ومت لأجلهم!
لم تتكلم سوى لغة واحدة، هي لغة الشعب.. لكن كل لغات شعوب الأرض، تتغنى باسمك: بكرة وأصيلاً!
لم تؤلف كتاباً واحداً، ولم تكتب سوى مرة واحدة على الأرض.. لكن سفر الأسفار کُرّس لذاتك، وترجم إلى أكثر من ألف لغة ولهجة، وفاق انتشاره كل الكتب، وتأدبت في حضرته عيون الأدب!
لم ترسم صورة واحدة، في أيام جسدك.. لكن جبابرة الفن والتصوير، ما زالوا يتسابقون في تخصيص إبداع ريشتهم لذاتك، ولتزيين بيتك!
لم تنظم قصيدة في حياتك.. لكن قصائد نابغي الشعراء، تقدم عند قدميك، تتلى في مديحك: يوم ولدت، ويوم مت، ويوم بعثت حياً!
لم تنشأ قطعة موسيقية.. لكن أروع الألحان وأعذبها، تعطر الأجواء يوم ذكراك المجيد!
لم نسمعك، مرة واحدة، مترنماً، بل رأيناك ثلاثاً، باكياً.. لكن أبدع الترانيم التي يعزفها القلب، ترفع لديك، صلاة حمداً وترتيلاً!
لم تضع حجراً على حجر، ولا لبنة على لبنة.. لكن بدائع فن البناء والعمارة والتشييد، مقامة بيتاً لعبادتك جيلاً فجيلاً!
لم تخترع إختراعا، ولم تكشف عن حقيقة علميّة.. لكن أعظم المخترعين، وأجل المكتشفين، يخرّون أمامك: سجداً ورکوعاً؛ لأنك أنت ملك العلم والمعرفة!
أسس الاسكندر، وشارلمان، ونابليون: دولاً.. لكنها زالت في حياتهم، أو بعد ماتهم، لأنها أقيمت على القوة الغشوم.. لكنك، أيها الناصري، أقمت ملكوتك: بالمحبة، والوداعة، والتواضع، والخدمة، ليظل خالداً بخلودك، وليظل نجمك: مضيئاً، مشعاً، متألقاً على ليل عالمنا الكثيب!…