بقلم: سونيا الحداد
لبنان هذه الجنة الصغيرة التي كانت ملاذا لكل متشرد ومضطهد على هذه الأرض. هذه الجنة التي أهدت النور الى العالم يوما، دمرته الأديان دون رحمة وشوّهت وجهه، روحه وفكره. جعلت منه مكانا لمسوخها تذبح وتفجّر، تخون وتتآمر بإسمها.
يتحججون بمؤامرات الخارج لتنفيث حقدهم وكراهيتهم وساديتهم يملأون بها خزائنهم غنائم ومراتب. يحدثونك عن المحبة والتسامح والعيش السلمي وهم رسل الشر والتفرقة والنعرات الطائفية، لم يبخلوا بأي مناسبة، في تأجيج نارها سرا وعلنا. جعلوا من المواطن انسانا ملبوسا فارغ الفكر والروح، مدينا لهم بالحياة والموت. لا وطن له سوى مزارعهم، خلافاتهم ، إماراتهم، شوارعهم، خانعين تابعين لحيتان لا ترحم ولا تشفع، تابعة لإلاههم وهذا يكفي! حيتان سرقت علنا كل ما يمكن سرقته حتى الهواء والماء والشعب يهلل لهم. قتلوا وحاصروا ونشروا الجوع والمذلة، والشعب يهلل لهم. دنسوا جميع المقدسات الإنسانية والروحية من أجل مصالحهم الذاتية يرمون الفتات الى تابعينهم، والشعب يهلّل لهم.
شعب لا يرى العالم سوى من زاوية طائفته، دينه وزعيمه ممثل الله على الأرض. شعب يدّعي الحرية وهو عبد ذليل يشهد على جريمة زعيمه ويغض النظر عنه ويحميه. يدّعي المساواة وهو عنها بعيد سنوات ضوئية. لا كلام ولا جرائم ولا حقائق ممكن أن تثنيه عن ولائه الأعمى لمن رسم له الجنة واحة يعبرها على الأشلاء وعويل الأبرياء. نارا ترميه في أبدية الفناء! ديانات جعلت من الجنة جحيما لا يطاق، من القوانين استبدادا باسم الإله ويقولون لك انها المؤامرة الدولية. هنيئا لها هذه المؤامرة الدولية بهؤلاء الأغبياء. تعرف كيف تتلاعب بهم وترميهم يوم تنتهي اللعبة ولا يبقى سوى الأشلاء ورائحة الدماء، لعنة من السماء لمن مدّ اليد لها عن سابق تصميم وإصرار.
٤٥ سنة من العهر الديني والسياسي والاجتماعي الذي وضع وطنا بأكمله رهينة شوارعه وطريق الجلجلة لم تنته بعد لآ بل تستمر تحت رعاية فريسيي هذا العالم أرباب هذه الديانات. أي سرطان هذا، أي إله هذا؟ الى متى سيبقى لبنان تحت نيره محتلا من أسفل خلقه؟ كيف سيتحرّر من هذه اللعنة المقدسة؟
لا تدّعوا أيها التابعون أنكم الضحية بل المشاركون في الجريمة. لا تدّعوا الوطنية وانتم لا ولاء لكم لأي وطن. لا تدّعوا أنكم رسل التحرّر وانتم أعداء العلمانية والمساواة تحت وحدة الهوية. لا تتحدثوا عن المستقبل وراياتكم ترفع العار هوية. إخجلوا من أنفسكم ولا تنظروا بعد اليوم الى المرآة وقد أصبحتم مسوخا ترقص على القبور وتشرب دموع الأبرياء نخب الإله!