بقلم: يوسف زمكحل
تحية للفنان الكبير أمير كرارة والمخرج بيتر ميمي والمؤلف باهر دويدار وكل العاملين في مسلسل الأختيار الذى جدد أوجاع الشعب المصري في ما تعانيه مصر من إرهاب منذ قيام ثورة 2011 وحتى اليوم والتي خسرت فيه مصر خير رجال قواتها المسلحة وشرطتها البواسل. والحقيقة أن هذا المسلسل يجب أن يكون نقطة أنطلاق للدولة لتبدأ من جديد محاربتها للإرهاب بصورة أكثر فعالية وواقعية وأن لا تضحك على نفسها ، لأن الدولة سكتت على الإرهاب سنوات وسنوات وجعلته ينمو وينمو حتى بات واقعاً يعيش معنا ونتعايش معه فهي تغاضت عنه في عهود سابقة أو أكتفت بمحاربته بالسلاح فقط وذلك عندما سيطرت الجماعات الإرهابية على الجامعات فمنعت الحفلات الموسيقية والفنية ثم أبتسمت الدولة لهم وهى ترى الجماعات المتطرفة تحاول تشويه صور رموز مصر أمثال كوكب الشرق أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ورموز الفكر أمثال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وغيرهم ولم تسلم الفنون الأخرى من أفكارهم الظلامية العفنة فأفتت بأن النحت حرام والرسم بدعة وضلالة أما الغناء والسينما فهما أشد أنواع الشرك والكفر ، ولم تلتفت الدولة لهذه الجماعات التي سيطرت على معظم مؤسسات الدولة وخصوصاً النقابات والجامعات وأزداد الأمر سوءاً عندما وصل التطرف إلى جامعة الأزهر ورموزه ، فبعد ما فعلته داعش من مجازر شاب لها الولدان في سوريا والعراق وجدنا شيخ الأزهر يرفض تكفير داعش وسط تعجب وأستغراب الجميع ثم وجدنا أيضاَ شيخ الأزهر يقوم بتعيين نائباً له وهو عباس شومان المعروف بأنتمائه لجماعة الإخوان المسلمين ، ولم يكتف الأزهر بهذا بل دخل في حرب مع أصحاب الفكر المستنير أمثال إسلام بحيري الذي أنتهى الحال بسجنه للأسف بدلاً من مواجهته فكراً بفكر .
على الدولة اليوم أن تراجع مناهج الأزهر والتي بعضاً منها يدعو إلى سفك الدماء وقتل الآخر بل وأحياناً أكله .. ! وهذه المناهج هي التي أخرجت للإرهاب الشيخ عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي لجماعات الجهاد والذي تخرج من كلية أصول الدين وكان معيداً في جامعة الأزهر وأعتقل في الولايات المتحدة وقضى بها عقوبة السجن المؤبد بتهمة التآمر في قضية تفجيرات نيويورك عام 1993 وبقي في السجن حتى مات عام 2017 ، كما أخرجت لنا أبو بكر شيكاو الذي دخل قسم الدراسات العليا في كلية الشريعة والقانون ليصبح بعد عودته لبلاده زعيماً لجماعة بوكو حرام الإرهابية ثم أعلن ولاءه لداعش وللخليفة أبو بكر البغدادي ، وكذلك أخرجت لنا محمد أحمد على المعروف بأبي أسامة الأزهري مفتي تنظيم ولاية سيناء وكذلك أبو ربيعة المصري الذي تزعم تنظيم القاعدة في البصرة وعبد الله عزام رائد الجهاد الأفغاني ومولوي قاسم حليمي من كوادر حركة طالبان ، ولم يكن مفاجئاً أن يكون منفذو جريمة مقتل النائب العام هشام بركات من خريجي الأزهر للأسف .
وكلمة حق أن مصر في فترة حكم الرئيس السيسي ولأول مرة نجد رئيس الجمهورية يدخل الكنيسة ويهنيء المسيحيين بأعيادهم ويقوم بتعيين أقباط في المجلس الأستشاري الرئاسي ومحافظين ووزراء ويعيد للمرأة أحترامها وتقديرها وكم من مرات رأينا وسمعنا الرئيس السيسي يطالب شيخ الأزهر بتجديد الخطاب الديني ولكن لا حياة لمن تنادي !.
وأخيراً على مصر اليوم الأختيار إما أن تستمر في إغماض عيونها عن مواجهة الإرهاب بشكل فعال وحقيقي وترضى بأن تخسر أشرف رجالها أو تبدأ في معالجة الأرهاب بواقعية وإقتلاغه من جذوره وأن تقف بجوار المستنيرين تساندهم لا أن تحاربهم . محاربة الإرهاب يجب أن يكون بالفكر أولاً أما إذا حاربناه بالسلاح فقط فهو سيستمر ويستمر إلى ما لانهاية .. !