بقلم : فـريد زمكحل
بات العالم الحديث في أمس الحاجة للخروج من دائرة «الدعارة السياسية» التي تتوغل في أوصاله مع تناقض أقواله مع أفعاله في مشهد غريب لم يعد من المقبول استمراره.
وقد يأخذ عليَّ البعض وصفي لما يدور في العالم اليوم، «بالدعارة السياسية».. ولكنها الحقيقة التي لا يعرفها العديد من كبار الساسة الذين يحكمون العالم وربما لا يعلم بها سوى العدد القليل من المثقفين في العالم..
نعم هذه هي الحقيقة التي تؤكدها المصادر التاريخية، وقد يتجّمل التاريخ ولكنه لا يكذب، خاصة لو عرفنا بأن الدعارة مهنة قديمة ظهرت وتنامت حتى انطلقت من السر إلى العلن، عمل بها الفقراء في البداية وأمتهنها الساسة في النهاية حتى أصبحت من الصناعات المهمة التي تدر لهم المليارات من الدولارات.
وقد لا تصدق بأن الملكة «ثيودورا» كانت من أجمل عاهرات شوارع القسطنطينية قبل أن تعتلى عرش الإمبراطورية في القرن السادس الميلادي.
تماماً كالسيدة سالي ستانفورد التي كانت تدير واحداً من أرقى وأفخر قصور الدعارة في أمريكا، في أهم شوارع مدينة فرانسيسكو وكان يعمل لديها عدد من أذكى وأجمل الفتيات وأكثرهن أناقة على مستوى العالم، في ذلك الوقت، زاره وتردّد عليه ملوك وساسة وتجار وفنانون وضباط من الجيش والشرطة، وسفراء ووزراء أجانب.
وكانت لدى السيدة سالي ما يُعرف «بخدمة الزبائن» وهو قسم مخصص للذين يتحرّجون من القدوم إلى قصرها، والتى لم تقتصر خدماتها على الداخل الأمريكي فقط بل تجاوزته إلى خارجه للعديد من مدن العالم. وقد تندهش لو عرفت أنه في عام 1945 على سبيل المثال شهدت مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية اجتماع ممثلون عن 50 أمة و دولة قاموا بمفاوضات واجتماعات متواصلة قادت إلى نشوء «الأمم المتحدة».
نعم ما ذكرته لك عزيزي القارئ صحيح جداً «نشأة الأمم المتحدة».
ومن المدهش بأن هذه المفاوضات والاجتماعات كانت تتم في قصر سالي ستانفورد للدعارة.
الأمر الذي ذكره المؤرخ «هيرب كاين « الذي كتب قائلاً: الأمم المتحدة نشأت في بيت دعارة سالي ستانفورد والكثير من المفاوضين كانوا من زبائنها، وقد شاركت في حضور العديد من هذه الجلسات التفاوضية الدائرة بين كبار الساسة وقادة الدول، وكان من هذه الاجتماعات، الاجتماع التي حضرته الذي أقامه إدوارد كنيدي الشقيق الأصغر للرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي وألقت كلمة فيه فضحت خلالها بعض القيادات من الذين يدّعون الشرف!
وركزت اهتماماتها فيما بعد ذلك على مسائل المساواة والحقوق المدنية، واعتزلت مهنتها بصورة نهائية سنة 1950 بافتتاح مطعمها الكبير في مدينة «ساوساليتو بكاليفورنيا»، ومن المدهش أنه قد تم انتخابها سنة 1972 عمدة للمدينة.
هذه هي الحقيقة المجرّدة لنشأة الأمم المتحدة، لذا لا عجب من وصفي السابق لما يحدث ويشهده العالم حالياً من أزمات «بالدعارة السياسية»، مع إصرار قادة العالم على تأكيد استمرار امتهانهم لهذه المهنة اللا أخلاقية في إدارتهم لشئون هذا العالم مع الأسف الشديد.