بقلم: سليم خليل
شفيق جورج حاتم ، والده من مصيف حمَانا ووالدته من قرية بحنس في لبنان ، هاجرا في مطلع القرن الماضي إلى مدينة نيويورك في الولايات المتحدة حيث عمل والده في معمل نسيج ثم انتقل إلى بوفالو نيويورك ليعمل في مصنع حديد. ولد جورج في ٢٦-٩-١٩١٠ انتقلت العائلة إلى نورث كارولينا حيث افتتحت متجر مواد غذائية مجففة.
عام ١٩٢٧ حصل جورج على شهادة ممرٍض ثم غادر إلى لبنان حيث درس الطب في الجامعة الأميركية في بيروت ، ثم انتقل إلى سويسرا للتخصص وهناك تعرًف إلى طلاب في الطب من شرق آسيا وأصبحوا أصدقاء. بمساعدة مادية من والد أحد أصدقائه الجدد أبحر مع عدد من أصدقائه الأطباء من مرفأ ترييست/ إيطاليا إلى آسيا وزاروا مرافئ سنغافور وهونغ كونغ، ثم في ٥ سبتمبر ١٩٣٣ وصلوا إلى شانجهاي في الصين وباشروا عملهم وافتتحوا عيادة طبية لأمراض الشرايين بالإضافة إلى الخدمات الطبية العامة ؛ وكانوا ثلاث أطباء حاملين الجنسية الأميركية-الولايات المتحدة . في شانجهاي شعر الدكتور شفيق بالفوارق الاجتماعية في الصين – ثراء هائل وفقر مفقع !!
في شانجهاي ، تعرًف على ناشطين – آغنس سميدلي – صحفي من نيوزيلاندا والناشط ريوي آللي اليسارى وسيدة من الصين – سونغ شينغلينغ. كان لهؤلاء الأصدقاء الثلاث تأثير كبير في مسيرة حياته في الصين وتعرف من خلالهم على ضابط إتصال في الحزب الشيوعي الصيني الذي افاق قلب وعقل الدكتور حاتم الذي قرر تغيير إسمه إلى الدكتور – ما هايتي – وتعني – الحصان- والإندماج في المجتمع الصيني بشكل كامل .
عام ١٩٣٦ اشمأز من الوضع السياسي العالمي وإتجاه العالم إلى الأنظمة الديكتاتورية ومن الفساد في شانجهاي فقرًر أن يغادر إلى أسبانيا ليلتحق بثورة الجمهوريين ، أو الالتحاق بالحركة الشيوعية الصينية في شمال شرق الصين !! بمساعدة أصدقائه تم نقله عبر خطوط القتال ليقدم خدمات طبية لثوار ماو تسي تونغ الشيوعيين .
في صيف عام ١٩٣٦ زار مركز الحزب الشيوعي بمرافقة الصحفي الأميركي الشهير – إيدغار سنو – الذي ذكر في كتابه الشهير- نجم أحمر في سماء الصين – أن طبيبا أميركيا فحص الزعيم الصيني- ماو تسي تونغ – وطمأنه بأنه بصحة سليمة وغير مصاب بنوع مرض غريب مميت كان منتشرا في الصين في تلك المرحلة الصعبة .
عام ١٩٣٧ في مطلع حرب التحرير ضد الاحتلال الياباني طلبت قيادة الحرب الصينية من الصحفي الأميركي – إدغار سنو -والصحفي النيوزيلاندي بالقيام بدعاية لاستقطاب أطباء من الغرب للمساعدة في الجهود الطبية في الحرب ضد اليابان ونجحت مساعيهم .
كان شفيق – ما هيتي – مع المستقبلين للوفد الأميركي العسكري والمدني الذي زار الصين في يوليو / تموز ١٩٤٤ ؛ فوجئ الوفد الأميركي بارتياح عندما قابلهم شفيق الذي أصبح – الدكتور ما- طبيب من مواليد الولايات المتحدة والذي ساعد العقيد في الجيش الأميركي – ميلفن كاسبيرغ – في كتابة تقريره عن الوضع الطبي في المناطق التي سيطر عليها الشيوعيون ..
بقي الدكتور شفيق في ساحات الحرب لغاية النصر عام ١٩٤٩.
بعد هذا التاريخ أعطي منصب في دوائر الصحة. كان أول غريب يحصل على جنسية جمهورية الصين الشعبية. ساعد على إنهاء وباء الجرب في مرحلة ما بعد الحرب وحصل على وسام وجائزة -لاسكار الطبية – لخدامته ؛ وكان من القلائل الذين تسلموا مراكز حكومية مهمة ولم يكونوا من مواليد الصين .
استمر بالاحتفاظ على جواز سفره الأميركي عندما منح الجنسية الصينية !!! أذاعت عام ١٩٦٤ محطة إذاعة كندا نشرة وثائقية أحضرها المراسل – باتريك واطسن – بعنوان – الصين سبعمائة مليون نسمة – وكانت النشرة عن لقاء المراسل باتريك مع الدكتور ما هايتي شفيق جورج حاتم.
خلال حياته أطلقت بلدية مصيف حمانا في لبنان إسم الدكتور شفيق حاتم على الساحة الرئيسية في القرية تكريما لمنجزاته .
تزوج شفيق من الممثلة الصينية – آكا زهو يوما – وأنجبا إبن وإبنة . توفي في ٣ أكتوبر ١٩٨٨ ودفن في مقبرة الثورة الصينية مع عظماء دولة الصين .