بقلم : رفاه السعد
فقدان الثقة حالة ليست سهلة ومن الصعب بناءها من جديد.. واذا اتخذ القرار بإعادتها فهذا يتطلب وقتا طويلا وجهدا كبيرا.. طبعا هذا الكلام ينطبق على الاشخاص..
لكن السؤال.. كيف سيكون الحال إذا فُقدت الثقة في بلد وبمن يحكمه..
هكذا كان حال العراق في»مؤتمر المانحين في الكويت لإعادة اعمار العراق» فقد العراق ثقة المجتع الدولي برمته بسبب ملفات الفساد التي لا تعد ولا تحصى والسرقة والصفقات الوهمية والاتاوات واصبح الفساد من مرض السرطان مستشري وينخر في كافة مفاصل الدولة.. ولم يخلو مسؤول كبير أو صغير من قضية فساد «الا ما رحم ربي»..
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ترأس وفدا كبيرا من وزراء وبرلمانيين وعدد من رؤساء المحافظات وغيرهم قُدر عددهم بحسب ما نشر في وسائل الاعلام ١٤٣ شخصا للحضور والمشاركة في المؤتمر… هؤلاء تحملت الحكومة عبء مصاريف سفرهم بدءا من تذاكر السفر مرورا بالطعام والشراب وانتهاءا بحجز الفنادق لهم..
الوفد ذهب وهو يحمل فاتورة قيمتها ٨٨ مليار دولار ويطلب من المشاركين المساعدة لجمعها فهي قيمة الدمار الذي لحق في العراق بسبب تنظيم داعش والمعارك التي دارت لطرده… لكن الوفد العراقي نسي ان العالم صنف العراق على رأس الدول الفاسدة … فكيف لهذه الدول أن تقدم منح مالية أو تجازف في استثمارات من دون ضمانات!!
وفي اخر يوم للمؤتمر ظهرت النتائج.. اقل من ٣٠ مليار دولار قيمة ما تم جمعه…لكنها لم تكن كلها منح بل قروض وديون.. ولم يجن العراق من هذا المؤتمر إلا ديوناً فوق ديونه القديمة وضاع الحلم العراقي بمنح مالية لربما كانت تبني جزءاً من الدمار وبعضها يتسلل لجيوب فاسدين…. مما زاد الطين بله.
وكشف نواب حضروا المؤتمر ان بعض الدول كانت تقايض العراق بجديته في محاربة الفساد والقضاء عليه مقابل استثمارات حقيقية ومنحا مالية لإعادة الإعمار.
فيما ذكر عضو لجنة النزاهة في البرلمان أردلان نورالدين أن معطيات مؤتمر المانحون أظهرت فشل العراق في الحصول على الدعم الدولي المنشود بسبب الخلافات الداخلية والفساد.
اما السياسي موفق الربيعي فقد طالب الحكومة بان تثبت حسن نيتها في محاربة الفساد مشيرا الى ان جلب الاستثمار الأجنبي إلى العراق يتحقق عندما يرى العالم الجدية في محاربة الفساد، وإرسال رسائل تطمينية تفيد أن المستثمرين الأجانب عندما يأتون للعراق لن يواجهوا مافيات الفساد.
ويعيش العراق على أمل أن تشطب الديون التي بذمته منذ عام ١٩٩٠ بعد مؤتمر الكويت حتى تتوفر له طاقة تمكنه التعاطي مع القروض الجديدة..
المؤتمر لم يلقِ اهتماما من قبل الشارع العراقي، فاغلب المواطنين ومن خلال تعليقاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي كانوا يشعرون بخيبة أمل فهم باتوا يدركون أن نسبة ما سرقه الفاسدون في العراق تبني عراقا جديدا من دون قروض أو ديون أو منح .. ولم يخفوا خيبة املهم من ان ما حصل عليه العراق من الكويت سيتبدد مثل غيره من القروض، فأزمة الثقة بين الحكومة والمواطن كبيرة.. فكيف الحال بالنسبة للمانحين والمستثمرين..