بقلم: يوسف زمكحل
شكري إنسان مهذب خلوق محبوب من كل زملائه في العمل فهو يعمل مديراً في أحد البنوك الأجنبية وهو ينتمي لأسرة كريمة وثرية في نفس الوقت فوالده يحتل مركزاً كبيراً في إحدى الوزارات المهمة أما والدته فهي مفتشة بوزارة التربية والتعليم ، تزوج شكرى من مديحة أبنة صديقة والدته ، زواج صالونات ولم يخرج معها منفردين إلا مرتين أثناء فترة الخطوبة القصيرة . وتم الزواج وفي فترة قصيرة أحب شكري زوجته فيها حباً جماً . وشكري كان على قدر كبير من الجمال يفوق جمال زوجته إلا أنه كان زوجاً مثالياً في الإخلاص والوفاء ، ورغم مغازلة النساء له لوسامته إلا أنه لم يكن يعيرهن أي اهتمام فهو كان يذوب عشقاً في زوجته وكان يلبي لها كل مطالبها وربما قبل أن تطلبها أساساً ، فإذا قالت له يا شكري أنا عايزة هذا الخاتم فيسرع شكري مشكوراً ملهوفاً ليأتي إليها بالخاتم لكي يسعدها ويسعد نفسه طبعاً فسعادتها هي سعادته ، أو إذا قالت يا شكري عايزة أسافر إلى شرم الشيخ فسلوي صديقتي وزوجها سوف يسافران فيقول لها شكري حاضر من عينيا ويسافران فسلوى وزوجها لا يقلان عن شكري وزوجته أو إذا قالت يا شكري عايزين نعزم بابا وماما على الغذاء فيقول لها شكري أهلا وسهلاً في أي وقت رغم أن حماته تلمّح له بالكلام الذي يجعله يشعر بالضيق إلا أنه كان يتسامح في حق نفسه من أجل أرضاء زوجته ويقول بينه وبين نفسه أن حماته مثل والدته . كان شكري نموذجاً للزوج العظيم الذي يلبي كل أحتياجات زوجته ويساعدها أحياناً في بعض أعمال المنزل حباً فيها وأحياناً عندما كان يراها متعبة كان يطلب منها أن ترتاح وسيقوم هو بما تريده .
ولكن يبدو أن كل هذا الحب والوفاء والإخلاص لم يعجب زوجته مديحة فأقامت عليه قضية خلع، الأمر الذي أصاب زوجها بصدمة كبيرة فأخذ يسأل نفسه أبعد كل هذا الحب ؟ أبعد كل هذا الإخلاص لزوجتي تطلب الخُلع ؟!
وفي المحكمة يسأل القاضي مديحة لماذا تطلبين الخُلع هل يعاملك بقسوة هل يهينك هل يخونك هل هو بخيل مادياً أو بخيل في مشاعره ؟
مديحة ترد أبداً أن زوجي يحبني حب العبادة وأنا متأكدة أنه لا يخونني لأن زوجي بعد العمل يأتي مباشرة إلى المنزل ولا يتأخر إلا لشراء شيئاً قد طلبته منه ورغم وسامته الشديدة فهو لا يلتفت لأي سيدة غيري وكان دائما يقول لي أنت جميلة الجميلات وهو كريم جدا معي لا يبخل عليا بشئ
القاضي : إذن لماذا تطلبين الخُلع ؟
مديحة لأنه يحبني حباً أشعر به بالخناق فلو طلبت أي شئ يلبّيه على الفور مهما كان هذا الشئ غالياً لا يعترض مثل أي رجل مرة واحدة لم يغضب يوماً إذا طالبته يساعدني في أحد أمور المنزل لم يثور في وجهي مرة واحدة ، كنت اري على شفتيه أبتسامة رضا تستفزني . كنت أتمنى بل وأحلم أن يصرخ أن يعلو صوته ويهز أركان المنزل كنت أرغب أن يقول لي لا لن أعمل هذا أو ذاك .. لقد كرهت هذا الحب الذي خنقني كرهته !!
وأخيراً وكأن الرجولة هي صراخ وشجار وليست محبة وأحتواء، وكأن الحب هو معاناة لازم نعيشها مع أحباءنا وكأن الحياة لابد فيها أن نقسو فيها على بعضنا البعض ويغور الحب ويغور الإخلاص وتغور القيم النبيلة !