بقلم: يوسف زمكحل
لم تكن مصر قبل ثورة 23 يوليو سيئة كما يروج لها بعض الذين قاموا بالثورة وبعض المؤيدين لها فقد كانت مصر ثاني أجمل وأنظف عاصمة في العالم وكانت الجامعات المصرية من الكليات التي يعترف بها العالم والتعليم في مدارسها الحكومية يحتذى به الذي أفرز لنا فيما بعد كتاب ومثقفين مصر الكبار أمثال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف أدريس وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهم ، وكان الدولار وقتها يساوي مابين عشرين أو خمسة وعشرين قرشاً وكانت مصر دائنة لإنجلترا والأهم من كل هذا أن الملك فاروق كان ملكاً لمصر والسودان قبل أنفصالها عن مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وكانت مصر يعيش فيها وعلى أرضها كل الجنسيات اليوناني واليهودي والإيطالي والمجري وغيرهم بدون أي تعصب والكل يعيش في محبة تجاه الآخر وكانت الحركة الثقافية في أوجها فكانت جريدة الأهرام وروز اليوسف والبعكوكة والمقطم وكان عصر ما قبل 1952 هو بمثابة عصر النهضة في إيطاليا فأخرج لنا العبقري النحات محمود مختار وغيره من رواد الفن التشكيلي وكانت مصر هوليوود الشرق فأخرجت لنا يعقوب صنوع رائد فن المسرح و يوسف بك وهبي وأمينة رزق ودولت أبيض وحسين رياض العملاق وسليمان نجيب وإستيفان روستي وشارلي شابلن الشرق نجيب الريحاني واسماعيل يس وأنور وجدي ومحمد فوزي وفاتن حمامة وليلى فوزي ومريم فخر الدين وفردوس محمد وماجدة ومديحة يسرى وفريد الأطرش الذي جاء من لبنان هو وشقيقته المطربة الكبيرة أسمهان وبزغ نجم منيرة المهدية وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب تزامنا مع سيد درويش الذي رحل في سن الشباب وعاشت مصر أزهى عصر لها فنياً على الإطلاق وعاشت الصحافة أزهى عصورها فأفرزت لنا الصحفي الكبير محمد التابعي ومصطفى وعلى أمين والحمامصى وموسى صبرى وغيرهم إلى أن جاءت ثورة 23 يوليو التي أممت الشركات والمصانع التي أعطتها لقب رأس المالية المستبدة وبدلاً من أن تفرض ضرائب عليها على سبيل المثال قامت بالتأميم وقامت بتعيين بعض رجال الجيش لإدارة تلك المصانع والشركات وهم لا يملكون الخبرة اللازمة لإدارتها مما أدى إلى إنهيارها فيما بعد وبدلا ً من إقامة حياة ديمقراطية سليمة كما قالت مبادئ الثورة ظهر لنا صلاح نصر وشمس بدران وبدأت موجة من الأعتقالات والتعذيب المروع في السجون وأختفاء البعض في ظروف غامضة ثم جاءت بعد سنوات من الثورة نكسة 1967 وضاعت القدس من القبضة العربية وأصبحت في قبضة إسرائيل وأصيبت الكرامة العربية في مقتل بعد أن أحتلت سيناء في مصر والجولان في سوريا والغريب أننا مازلنا نحتفل حتى الآن بيوم 23 يولية الذي كان بداية لتراجع وتأخر مصر عشرات السنين للوراء .!