بقلم: رفاه السعد
ثورة الفقراء هكذا اطلق عليها المتظاهرون في العراق!!
… في المقال السابق ذكرت انها لن تكن مجرد احتجاجات مطالبة بالكهرباء بل انها ثورة ضد الظلم والفساد الذي عاشه العراق منذ عام ٢٠٠٣ وحتى اللحظة وبالفعل استمرت التظاهرات والاعتصامات بل واتسعت لتشمل العاصمة بغداد ورغم الحديث عن حرية الرأي والتعبير وانهما حق يكفله الدستور الا ان التظاهرات شهدت حملة اعتقالات واسعة في صفوف المتظاهرين وفي الوقت الذي يؤكد رئيس الوزراء حيدر العبادي على حرية التظاهر تخرج القوات الامنية في ساحة التحرير وتستخدم الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه وحتى الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين»الصور موثقة» وبالتأكيد اطلع عليها العبادي الذي يتحدث عن حرية التعبير.
الاحتجاجات اسفرت حتى الان عن مقتل واصابة المئات بين متظاهرين والقوات الامنية، ليس هذا فحسب انما قطعت الحكومة خدمة الانترنت وحجت مواقع التواصل الاجتماعي لتمنع المواطن من مواكبة ما يحدث اجراء دكتاتوري يعود بنا الى زمن الطغاة ونحن في عام ٢٠١٨ وقد تسبب قطع وحجب خدمات خسائر لشركات تزويد خدمة الإنترنت بالاضافة لتلكأ عمل مكاتب الخطوط الجوية والسياحية وشركات الحولات المالية والبنوك والدعاية والإعلان وشركات البث الفضائي، حيث يقدر المراقبون الخسائر في10 ايّام الماضية بقرابة 500 مليون دولار للقطاع الخاص فقط لمسلحي الاحزاب دور كبير في استهداف المحتجين فقد شاهدنا كثير من الفيديوهات التي ترصد مسلحين تابعين لمنظمة بدر التي يقودها هادي العامري في البصرة والديوانية وايضا عصائب اهل الحق التي يتزعمها قيس الخزعلي،»والعامري والخزعلي « معروفان بولائهما لايران استهدف مسلحو هاتين المنظمتين المتظاهرين بدم بارد طبعا هذا الاستهداف جاء بعد ان تطورت مطالب المتظاهرين الذي رفضوا الاحزاب والكتل الحالية ومشاركتها بالحكومة كما نددوا بالاحزاب التابعة لايران واتهموها بتدمير البلاد على حساب ايران وكل شي موثق بالصوت والصورة.
الحكومة اعلنت انها ستلبي مطالب المحتجين وفي تصريح للعبادي حول تظاهرات المثنى يوم الجمعة الماضي ذكر ان الحصة المائية للمحافظة ستعود «فورا» وقد مر اسبوع اخر على هذا التصريح ولم يفي بوعده.
المتظاهرون اتهموا رئيس الوزراء بالتهاون وغض النظر عن الفساد المستشري فمنذ اربع سنوات يستمع الشعب لتصريحاته الرنانة بمحاربة الفساد واعتقال الفاسدين وقد فقد العبادي ثقة الشارع التي منحها له بعد محاربة داعش ولم تغفر له خطاياه في التهاون والتسامح مع الفاسدين الذين سلبوا حقوق الشعب ولم نشهد قضية اعتقال واحدة..بل ومنهم اي الفاسدين اعلن فساده صراحة على سبيل المثال النائب السابق وعضو هيئة النزاهة مشعان الجبوري صرح في احدى القنوات التلفزيونية العراقية انه تقاضى الرشوة مقابل غلق احد ملفات الفساد لشخصية سياسية والملايين من العراقيين شاهدوا وسمعوا ما قاله.الجبوي وهو حتى الان حر طليق بل ويخرج يوميا على شاشة التلفزة ليتحدث عن الانتخابات والتزوير.
العراق بلد الخير والنفط والثروات اصبح يتربع على عرش الفساد والفقر والبطالة والتسول ، بلد كان ينثر الخير والعطاء اصبح اطفاله وارمله يتسولون في الشوارع وشبابه يفترشون الارصفة بحثا عن فرصة عمل وحتى من لديه عمل فهو يعيش في فقر مدقق في ظل انعدام تام للخدمات الصحية وتردي المستوى التعليمي وافتقار شامل للخدمات البلدية والاجتماعية، فهل يعلق وظل في صيف شديد الحرارة لا توجد كهرباء هل يعلق ان يشرب الاطفال ماء غير صالح للشرب هل يعقل ان المستشفيات لا توجد فيها نظافة او ادوية او اجهزة طبية.
هذه المأساة التي يعيش الشعب اوصلها من حكموا البلاد منذ عام ٢٠٠٣ مجموعة احزاب وكتل اشبه بمافيات جاءت لامتصاص دماء العراقيين ونهب ثرواته التي حُصرت بيد مجموعة من السياسيين الذين ادخلوا الدين بالسياسة وباتوا يلعبون على مشاعر المواطن البسيط الذي فتح عينه من غفلة .. بعد ١٤ عاما من الفساد والسرقة ليقول لهم كفى نحن هنا وهذه ثرواتنا وهذه بلادنا، التظاهرات مستمرة لغاية تحقيق مطالب الشعب المظلوم.