بقلم: الدكتور غازي الفنوش
إن العظام أعضاء نشِطة وحيوية ومتجددة، فهي تمر بعمليّات هدم واعادة بناء طوال الوقت. هنا تكمن أهمّية نوعين من خلايا العظم المتخصّصة: النوع الأول الذي يدعى اوستيوبلاست وهو يعمل على بناء العظام الجديدة. أما النوع الثاني الذي يدعى اوستيوكلاست فيقوم بهدم وإزالة العظام القديمة. تجدر الإشارة هنا إن عملية بناء العظام تكون أسرع من عملية هدمها في بداية العشرينيات من العمر وتؤدي إلى زيادة في كثافة العظام. وتستمر عملية البناء حتى سن الثلاثين بحيث تكون العظام قد أصبحت في المرحلة الأكثر قوة وصلابة. لكن بعد سن الأربعين تبدأ صلابة العظم بالإنخفاض تدريجيا ويزداد انخفاضها مع تقدم العمر. فمثلاً تنقص كثافة العظام لدى النساء 3% سنويا بينما تنخفض هذه النسبة إلى 1% عند الرجال .
هشاشة أو ترقق أو وهن العظام هي حالة مرضية تحدث نتيجة انخفاض ٍ في كثافة النّسيج العظمي الذي يؤدي بدوره إلى ضعف في قوة ومتانة العظام وبالتالي سهولة تعرّضها للكسور . يعد هذا المرض من الأمراض الصامتة التي يصعب اكتشافها من قِبل المريض في مراحلها الأولى وهو قد يصيب البشر من كافة الأعمار (الرجال والنساء والاطفال احياناً). لكن النساء اكثر عرضة لهذا المرض لاسيما في فترة سن اليأس. وقد اظهرت الاحصائيات بأن هناك 53 مليون شخص مصاب بهذا المرض في أمريكا.
أسباب هشاشة العظام :
- قلّة تناول المشتقات اللبنية التي تحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم الضروري لبناء وتقوية العظام.
- قلة ممارسة التمارين الرياضية.
- عدم التعرض لاشعة الشمس الضرورية لتزويد الجسم بفيتامين «د» الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم من الجسم.
- تناول الكحول.
- التدخين.
- الافراط في تناول المشروبات الغازية والقهوة والشاي فهي تحتوي على الكافيين الذي يعيق عملية امتصاص الكالسيوم.
- تناول بعض أنواع الأدوية مثل الكورتيزونات وأدوية الصرع التي تسبّب هشاشة العظام .
- زيادة نشاط الغدة الدرقية والسكري والفشل الكلوي.
- انخفاض مستوى الهرمونات الجنسية كالإستروجين والتستوستيرون عند النساء والرجال مع تقدم العمر.
تشخيص الإصابة بهشاشة العظام :
يتم تشخيص الإصابة بهشاشة العظام من خلال إجراء فحص كثافة العظم ( DXA) لمنطقتي الحوض وأسفل الظهر، وإجراء فحوصاتٍ مخبرية كفحص تركيز فيتامين «د» والكالسيوم والفوسفور وهرمون الغدة الدرقية في الدم.
أعراض هشاشة العظام :
عادة يكون هذا المرض صامتاً في مراحله الأولى، لكن مع تقدم المرض يعاني المريض من آ لام في المفاصل والعضلات، وألم في الظهر غالبا ما يكون ناجم عن كسور في العمود الفقري والتي تؤدي إلى تحدب في الظهر، ونقص في طول القامة قد يصل إلى 2.5 سم.
هناك العديد من الخطوات الوقائية التي يمكن اتخاذها لمنع حدوث هشاشة العظام، نذكر منها : - تناول مقادير كافية من الكالسيوم يوميا، ما يعادل 1000 ملغ للنساء والرجال دون سن الخمسين، و1200 ملغ للرجال الذين تجاوزوا السبعين من العمر وللنساء الحوامل أو اللواتي تجاوزن الخمسين من العمر.
- تناول الأغذية الغنيّة بعنصر الكالسيوم كمشتقات الألبان والخضراوات الخضراء كالسبانخ والخس.
- الحصول على مقادير كافية من فيتامين «د» وذلك بالتعرض لأشعة الشمس، وتناول فيتامين «د» يوميا بمقدار IU 600 (وحدة دولية) الذي بدوره يساعد على امتصاص الكالسيوم من الجسم.
- ممارسة الرياضة لأنها تحد من النّقص في كثافة العظام ويُنصح بممارستها نصف ساعة يوميا .
- القيام بإجراءات روتيتيّة بهدف المحافظة على السلامة في البيت ومكان العمل، مثل توفير الإضاءة الملائمة، المحافظة على سلامة الدرج، وتثبيت الأرضيات غير المثبتة لتفادي الإنزلاق والسقوط وحدوث الكسور.
أما العلاج الدّوائي لهشاشة العظام فيكون عادةً بعد تشخيص المرض سريريا ومخبريا وشعاعيا، وبناءً عليه، تعطى الأدوية حسب درجة وشدة الحالة. فبالإضافة لفيتامين «د» والكالسيوم، هناك المعالجة بالهرمونات التي تتضمّن هرمون الاستروجين وهرمون الكالسيتونين ( Calcitonin) الذي يستخرج من اسماك السلمون ويساعد على زيادة كثافة العظام. وفي حال عدم استجابة المريض للعلاجات الدوائيّة المذكورة سابقا يعطى دواء (دينوسوماب) على شكل حفنة تحت الجلد مرّةً كلّ ستّة شهور.
لاريب إن الوقاية من هذا المرض الخطير ومنع حدوثه هي هدف أساسيّ. لذلك من الضروري إجراء الفحص السريري الدّوري واجراء فحوص مخبرية سنويا خاصّة بعد سن الخمسين، واتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم ومستمر. حفظكم الله من كلّ شرّ.