بقلم: عادل عطية
سيأتي يوم يرقد جسدي فوق فرشة بيضاء، طويت بعناية بین زوایا السرير الأربع في مستشفى مليء برائحة الولادة والموت. وفي لحظة ما سيعلن الطبيب أن دماغي توقف عن العمل، وان حياتي انتهت!
فمتى حل ذلك، لا تحاولوا بث روح اصطناعية في جسدي، ولا تستخدموا الآلات، ولا تسموا هذا فراش الموت، بل ليكن فراش الحياة. وتعالوا خذوا من جسدي؛ لكي ينعم الأخرون بحياة أكمل!
امنحوا عيني، لمن لم ير في حياته شروق الشمس، أو وجه طفل، أو الحب في عيني امرأة!
وهبوا قلبي، لمن لم يحظ من قلبه، بغير أيام الألم الدائم!
واعطوا دمي، لمراهق انتزع من حطام سيارته؛ لعله يعيش حتی يری احفاده يمرحون!
وأهدوا كليتي، إلى من يعتمد آلة تساعده على الاستمرار من يوم إلى يوم!
وخذوا عظامي، وكل عضلة، ونسيج، وعصب، في جسمي، وابحثوا عن وسيلة تجعل طفلاً مشلولاً يسير!
استكشفوا كل زاوية في دماغي، وخذوا كل خلية، اذا اقتضى الأمر، ودعوها تنمو لعلها تساعد يوماً ما صبياً اخرس على الصراخ عند ركل الكرة، أو فتاة صماء على سماع صوت المطر يرشق نافذتها!
واحرقوا ما يتبقى مني، وذروا الرماد في الهواء؛ لكي اعين الورود على النمو!
واذا كان لا بد من دفن شيء، فادفنوا خطاياي، وضعفي، وكل احقادي ضد اخوتي البشر!
وأعطوا آثامي للشيطان، وروحي لله!
وان رغبتم عرضاً، أن تتذكروني، فتذكروني بعمل طيب، أو كلمة رقيقة تُهدى لمن يحتاج اليها!
فاذا فعلتم كل ما طلبت، فسأبقي حياً إلى الأبد في قلوبكم، وفي قلب الله!