بقلم: فـريد زمكحل
ما هي الرسالة الضمنية التي أراد الرئيس الأمريكي إرسالها لمصر والعالم من وراء زيارته للسعودية وبعض دول الخليج بدون المرور على مصر؟
وهل هي رسالة مفادها تهميش للدور المصري في المنطقة واستبدال وتعزيز دور الرياض على القاهرة على المستويين العربي والإفريقي؟
أم أنها رسالة مفادها الرئيسي بأنه لا خلافات هناك بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين صنّاع القرار السياسي في القاهرة حول أهم القضايا المُلحة في المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية «بين اليوم والغد»؟
أم أنها مجرد زيارة لجمع المزيد من الإتاوات المالية التي يفرضها الرئيس الأمريكي على حكّام الخليج نظير الابقاء عليهم وعلى عروشهم؟
في تقديري الشخصي بأنها رسالة تتضمن كل هذه النقاط السابقة وكما يقولون «الحدق يفهم»، والسؤال هنا كيف سوف تتعامل مصر مع مفردات هذه الرسالة الضمنية من جانب الرئيس ترامب؟ وكيف يمكن لمصر استعادة مكانتها التاريخية المؤثرة في صناعة القرار السياسي العربي والإفريقي، والاحتفاظ بدورها الريادي المحوري في عالمها العربي والإفريقي أمام المعطيات الجديدة لمجموعة البترودولار التي تملك المال والبترول وتتطور بسرعة الصاروخ عل كافة المستويات والأصعدة الداخلية والخارجية، ولها من التأثير قوة السحر على صناعة واتخاذ كافة القرارات السياسية وغير السياسية في العالم فيما عدا تلك القرارات المتعلقة بإسرائيل والقضية الفلسطينية؟
وما هي أسباب نجاحها في تغيير المُعادلة الإقليمية والدولية لصالح الرياض ودول الخليج على مصالح القاهرة؟
في تقديري أن أهم هذه الأسباب يكمن في التالي:
سعي المملكة الجاد في بناء الدولة المدنية الحديثة المواكبة لمعطيات العصر الحديث عن طريق التالي:
1- فصل الدين عن الدولة
2- الانفتاح على الآخر بعد قيام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بإلغاء وتصحيح بعض المفاهيم الدينية الخاطئة.
3- الاهتمام بنشر التعليم والثقافة
4- تحرير المرأة واحترام حقوقها المشروعة في الحياة والتعليم والعمل إسوة بالمرأة الأوروبية.
5- احترام الدولة للقانون ولرجال القضاء وأحكامهم القضائية.
6- القضاء على كل أشكال التطرف الديني والتضييق عليه تعليمياً وإعلامياً
7- استخدام الرياضة والثقافة والفن والتعليم الحديث لمواكبة التطور العالمي غير المسبوق في مجالات الصناعة والتكنولوجيا لجذب الاستثمارات الأجنبية للمؤسسات الدولية للعمل على أراضيها.
8- احترام الحريات وكافة حقوق الإنسان السعودي داخل وخارج المملكة السعودية وهو ما فقدته مصر تدريجياً من خلال غياب دور الدولة المدنية وسيطرة الدين ورجال الدين على كافة مفاصل الدولة الرئيسية في مختلف القطاعات الرسمية وغير الرسمية مع تراجع التعليم والثقافة والفن والرياضة وغياب وتراجع كافة الخدمات الرئيسية بما فيها الحياة الحزبية والممارسات السياسية السليمة البعيدة عن كل أعمال العنف والتطرف وتقزيم دور الإعلام الرسمي وغير الرسمي في الدولة بشتى أنواعه وتقييد دوره الإرشادي الفعال والمؤثر والصريح في تحقيق الرخاء المنشود وتحقيق النهضة الحقيقية المنشودة في كافة المجالات التي تخدم المواطن بصفة عامة والدولة بصفة خاصة في ظل غياب القانون وعدم احترام القضاء وهيبة القضاء نتيجة تضارب القوانين التي تطبق على البعض ولا تطبق على البعض الآخر وجميعها نقاط أدت إلى المزيد من التخلف والرجوع إلى الوراء بسنوات ضوئية باتت تفصلنا عن اللحاق بركب التطور العالمي بصورة غير مسبوقة مقارنة بحجم التطورات الايجابية والخطوات التصحيحية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية ودولة الامارات وبعض دول مجلس التعاون الخليجي.
وهو ما يزيد الهوّة إتساعًا يومًا بعد يوم بيننا وبينهم ففي الوقت الذي يقومون فيه بالاهتمام بالتعليم وبفتح المزيد من المدارس والكليات والجامعات، نجد وزير التعليم يصدر قراره بفتح المزيد من الكتاتيب (جمع كتَّاب) في كافة مدن ومحافظات الجمهورية للإطاحة بالمزيد من العقول وتوجيهها نحو العنف والتطرف والتخلف بإمتياز.
وعلى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد تقع مسئولية تصحيح المسيرة إذا أراد لمصر وللجمهورية الجديدة أن تعود لدورها الريادي وثقلها السياسي المؤثر عربياً ودولياً.
اللهم إني قد بلّغت أللهم فأشهد!