بقلم : خالد بنيصغي
انقضت أيام رمضان الكريم بسرعة ، وتسابق المسلمون كما في كل عام في الإقبال على الطاعات، والتقرب من الله عز وجل راجين منه سبحانه تقبُّل الصيام والقيام ، والعتق من النار ، والرحمة بدخول الجنة بفضله وجوده وكرمه .
الفن المغربي هو أيضا تسابق كما عادته في هذا الشهر من كل عام بتقديم نفس الأعمال الرديئة ، ونفس المستوى الهزيل ، والسؤال المطروح ككل عام هو إلى متى سيظل الفنان المغربي بهذا المستوى المنحط ؟؟ وإلى متى سيظل أنانيا لا يشعر إلا بنفسه ، ولا هَمَّ له سوى تقديم أي شيء فقط من أجل خطف نصيبه من ” كعكة ” الميزانية المالية المرصودة لهذه الأعمال، ولو جاء ذلك على حساب خدش أذواق المشاهد المغربي ؟؟ وسؤال آخر يطرح نفسه بحدة : لماذا القنوات المغربية تقبل بهذه الأعمال رغم رداءتها ، ورغم أنها تكلف لجنة خاصة في الاختيار لذلك ؟؟
مجموعة كبيرة من الاختلالات تحوم حول الحقل الفني وإنتاجات رمضان ، يعيشها المشاهد المغربي كل سنة بنفس السيناريو ونفس الطقوس ، ونفس النتائج دون القدرة على حل هذا الإشكال الجاثم على قلوب المغاربة ، ونحن في هذا المقال سنحاول أن نبرز أهم هذه الاختلالات في النقط التالية ، راجين من الله أن ينتبه المسؤولون في الفن إلى هذا التذكير بخصوصية المشاهد المغربي ، فلربما يرتقي الفن والفنان في المستقبل :
- أكبر مشكل يعاني منه الفن المغربي يكمن في الكتابة الرديئة في القصة والحوار والسيناريو ، فمنذ بزوغ الفن المغربي إلى اليوم ليس هناك سوى نصوص مبتذلة وأعمال ومواضيع مكررة ، لا تجلب إلا القيء والغثيان للمشاهد المغربي ..
- خلو الأعمال المغربية كلها تقريبا من أي إبداع يذكر ؟؟ وهنا نسائل الفنان المغربي كاتبا وممثلا كيف يسمح لنفسه بتحديد حلقات المسلسل سواء كان دراميا أو كوميديا في ” ثلاثين حلقة ” بعدد أيام شهر رمضان ؟؟ فمتى كان هناك إبداع على المقاس ؟؟ ولماذا هذه الصدفة في جميع الأعمال الفنية المغربية؟؟ إنه صراحة لأمر يدعو إلى السخرية ، لأن أهل الفن وخاصة المبدعون في الكتابة ( شعرا أو نثرا ) يعلمون أن أي إبداع يبدأ عندما تأتي لحظة الإبداع، ويتوقف عندما تنحبس قريحة وفطرة الإبداع عند المبدع ، ولهذا السبب نرى الأعمال المغربية وللأسف بعيدة عن الجودة لأنها تضمنت الكثير من ” الحشو ” و” الزوائد ” و” المواقف الغبية ” التي تضر بالعمل الفني ، وتثير سخط وغضب المشاهد المغربي الذي يدفع ذلك من جيب الميزانية دون أي طائل ، ونحن نتساءل باستغراب أين هو المشكل إن كان هناك عمل فيه من الإبداع ما يكفي دون أن يصل إلى الرقم ” ثلاثين حلقة ” ؟؟؟ الإبداع على المقاس لا قيمة له ..
- على امتداد عقود وعقود لازالت الخزانة الفنية المغربية تخلو تماما من أي عمل ضخم يمكن للأجيال الاحتفاظ به في الذاكرة ، فهل فكر أهل الفن بكل المتداخلين فيه ، بما في ذلك الدولة ؟؟ فهناك دول عربية شقيقة وبالرغم من تقديمها لأعمال عادية ، لكنها من حين لآخر تخرج لنا بأعمال ضخمة تبقى راسخة في الذاكرة كجمهورية مصر العربية التي لديها العديد من الأعمال الكبيرة التي يفتخر بها جل المشاهدين العرب كسلسلة ” محمد رسول الله ” في ثمانينات القرن الماضي و” الأيام ” لطه حسين ، والعديد من الأعمال القيِّمة ، وهناك أيضا العديد من الأعمال السورية والأردنية والعراقية ، فيما يخلو كل المغرب العربي ولو من أي عمل يجعلنا نفتخر به ؟؟
- أرجو أن يبتعد الفنان المغربي عن التفكير في الجزء الثاني من أي عمل قدمه للمشاهد المغربي ، فالأكيد أن الفشل الذريع هو نصيب ذلك العمل ، لأن الأجزاء لا تكون ناجحة إلا في الأعمال الدينية أو التاريخية لأنها تسمح لك بالمزيد من الحكي والسرد والإبداع ..
- تجرد الفن المغربي عن الهوية الدينية والثقافية أصبح يضر بشكل كبير بصورة الفن وحتى بصورة المغربي كإنسان له من المقومات الدينية والثقافية والتاريخية الغنية ما يجعله ينقل ذلك إلى كل ربوع الدول العربية عوض أن يظل فقط جاثما على قلوب المغاربة لا يراوح مكانه بسبب رداءته ..
- نستغرب لتاريخ مغرب عظيم بدون عظماء عصره اليوم ، فكيف للمتداخلين في الفن لا يفكرون حتى الآن في النبش في العديد من الحقب والمحطات التاريخية المشرقة التي يمكن أن تنطلق بالفن المغربي إلى الأمام ، فلا غرابة إن قلنا إنه يمكننا الحديث عن الإمبراطورية المغربية في العديد من الحقب والمحطات التاريخية والدينية ، فهذه حقيقة فقط يجب علينا نفض الغبار عنها ..
لقد أبهرتنا الأعمال التركية الأخيرة في السلسلتيْن التاريخيتيْن الأخيرتيْن ” قيامة أرطغرل ” و ” المؤسس عثمان ” ، وتاريخ المغرب له من الرجال ما يجعلنا مجبرين أن نقدم أعمالا ضخمة من مثل هذه الأعمال التركية الناجحة .. - أخيرا لا ننسى أننا دولة مسلمة لها خطوط حمراء، يجب عدم تجاوزها بلباس العري والمبالغة في ” الماكياج ” وغيره من الحوارات المسمومة الخارجة عن إطار الهوية الدينية والثقافية للمغاربة ..
دمتم بود