شعر: نسرين حبيب
وأَكادُ لا أُصَدّق
أنّي بِقَميصي «اللّيلا» على المرآةِ أُحَدّق
أُزَرّرُهُ عَلى جَسَدي لِيَلْتَصِق
فَلِقاؤُنا اليوم يُخالِفُ كُلَّ مَنطِق
وَعَقلي مُخَدَّرٌ مَسْحور
جِئْتُكَ مُزْدانَةً بِلَوْنِكَ المُفَضَّل
في راحَتي اليُمْنى طاقَة القَرَنْفُل
وَبَيْنَ أَصابِعي اليُسْرى سيجاركَ المَشلوح على الرَّفّ مُهْمَل
أُرخيهِ بَيْنَ شَفَتَيَّ كَما كُنّا نَفْعَل
رافِضَةً التَّقَبُّل.. أَنَّ اسمَكَ على الحَجَرِ مَحفور
.. وَضَفَرْتُ شَعري جَدائِلَ
تَمامًا كَما تَبغيه مُنْسَدِلًا حَبائِلَ
فَرَدْتُها على الكَتِفَيْنِ يُمْنًا وَشَمائِلَ
مُعَلّلَةً النَّفسَ أن تُحْيِيَ فيكَ فَضائِلَ أو رَذائِلَ
فَيَخْتَلِجُ في صَدْرِيَ الحُبور
وَرحْتُ سيّدي.. أَنتَظِرُ مِنْكَ المُبادَرَة
مَكَثْتُ حَتّى مَلَلْتُ وَنَوَيْتُ المُغادَرَة
فالصَّلَواتُ على شِفاهي صارَت مُصادَرَة
وَلَو بادَرْتَ لَكُنْتُ مِن سَخْطي عَلَيْكَ أَلْقَيْتُ مُحاضَرَة
لكن لا حَوْلَ لَكَ، فَقَدِ التَزَمْتَ الصَّمْتَ، مَجبور
وَصِرْتُ يَومِيًّا أَعودُ القُبورَ عِنْدَك
فَالمُكوثُ قُرْبَك يُلْبِسُني رائِحَتَك
وَقَد حَفِظْتُ غَيْبًا كَيْفَ يَتَغَيَّرُ لَوْنُ المَكانِ جَنْبَك
وَكَيْفَ يَطْغى عَلى المَكانِ حُضورك
حَتّى الآنَ، تَحْتَ التُّرابِ، تَبقى ساحِرًا لا مَسحور
وَبِتُّ مِن رُوّادِ المَقابِرِ وإِنِ الجَوّ مُكْفَهِرّ
صَباحي وَسلامي لِحَفّارِ القُبورِ في دَربي مُسْتَقِرّ
في ذَهابي وَإِيابي.. دائِمُ الشُّرودِ صاحِبُ وَجْهٍ مُعْتَكِر
اعتَدْتُ رُؤياهُ كما اعتادَ هوَ السُّكونَ المُطبقَ والصَّمْتَ المُسْتَمِرّ
مِن ضَريحٍ لِضَريحٍ يَطوفُ.. يَكنسُ الوَرْدَ والياسَمينَ والمَنتور
وَأَكادُ لا أُصَدّق.. أنَّي «اللّيلا» عنّي أُمَزّق وَأَسْتَبْدِلُه بِلَوْنِ الخَمر
وأنَّ زِياراتي المُتَكَرّرَة تَحتَ عنوانِ امرَأَةٍ مُتَحَرّرَة تَمشي على الجَمر
صارَتْ بلا لَون ولا معنى، أَغدو وَأَعتَشي مُختالَةً بالرّداءاتِ الحُمْر
أُعَزّي نَفْسي بأنَّ الحَيَّ أَبْقى مِنَ المَيْت وهذا الذَّكَرَ أَمامي أَقرَب إلى غَمْر
أَتُراني ربّاهُ أَتُراني؟! نَسَيْتُكَ وَأُغْرِمْتُ.. يا لَخَجَلي.. بِحَفّارِ القُبور؟!!